كثيرًا مانسمع عن أهمية العقيدة وأنها أول ما ينبغي على المسلم تعلمه، لكن هل سألت نفسك ذات يوم لماذا كل هذا الاهتمام بتعليم العقيدة والحث عليها، سأضرب لك مثالًا ربما يكون بسيطًا لكنه هو الأساس فيما سيأتي معنا من فوائد، إذا أمسكت بحبل وجعلت تعقد عقدًا الواحدة تلو الأخرى هل يصبح حل الحبل سهلًا أم صعبًا؟؟!! هكذا العقيدة، هي عقد القلب بالتوحيد والإيمان فلا ينفك عنه ذلك الاعتقاد مهما تعرض لأيدي الفتن والشهوات، ونحن هنا اليوم في موقع فقرات لنطرح بين يديك مقدمة بسيطة عن أصول العقيدة الإسلامية بعبارة يسيرة وسهلة تستطيع من خلالها فهم الأمر بلا تكلف.
معنى كلمة عقيدة:
العقيدة لغة مأخوذة من مادة عَقَدَ وهي أصل الاعتقاد، وهي كل ما انعقد على اليقين به قلبًا، ولا يقبل الشك أو الظن.
وشرعًا هي جزم القلب بالإيمان بما أوجبه الله عليه، وهي أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
أصول العقيدة الإسلامية
إن لكل شأن عظيم أصولًا وفروعًا، وأصول العقيدة الإسلامية التي لا يصح بدونها معتقد مسلم هي ستة أصول وهي الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له والإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب السماوية والإيمان برسل الله كافة والإيمان بالغيب وهو اليوم الآخر وآخرها الإيمان بالقدر خيره وشره.
أما فروع العقيدة الإسلامية فهي كل مايتفرع من هذه الأصول الستة من المسائل العقائدية المختلفة.
وفيما يلي شرح موجز مجمل نتناول فيه أصول العقيدة الإسلامية الستة:
أولًا الإيمان بالله تعالى :
أول أصول العقيدة الإسلامية وأشرفها على الإطلاق هو الإيمان بالله تعالى ربًا وإلهًا لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته سبحانه جل شأنه وتقدست أسماؤه.
ويتضمن الإيمان بالله أن نتعرف على الله جل شأنه بما أخبر عن نفسه وأخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، فهل يعقل أن تعبدًا ربًا أنت لا تعرفه؟
وتبدأ تلك المعرفة بأن تعلم أن الله تعالى هو رب كل شيء وخالقه، المدبر لأمور عباده، وببساطة فأنت تقول عن الأب الذي يقوم على شؤون بيته ” رب البيت” ولله المثل الأعلى فالله رب العالمين، وتوحيد الربوبية هو جزم قلبك أن الله وحده هو خالق كل شيء والرازق القادر جل شأنه.
أما توحيد الأسماء والصفات، فهو أن تعلم عن الله أسمائه الحسنى وصفاته العلا، ويخضع قلبك عرفانًا ويقينًا أن الله تعالى لا شبيه له ولا مثيل له ولا كفؤ له كما أخبر عن نفسه جل شأنه في أعظم سور القرآن الكريم وهي سورة الإخلاص “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)”.
أما توحيد الألوهية فبعد أن يتحقق ما سبق فإن اليقين سيتخلل قلبك ويملؤه بأن لا أحد مستحق للعبادة إلا هو سبحانه، فلا خضوع ولا ذل ولا دعاء ولا خوف ولا رجاء إلا لله جل شأنه.
ثانيًا الإيمان بالملائكة :
هل تعرف الملائكة؟ … هل تحبهم ؟ تحب جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام، والملائكة خلق كريم من نور خلقهم الله تعالى، يسبحون الله بالليل والنهار لا يفترون، وملائكة الله لا يحصي عددَهم إلا الله، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 31] ؛ كجبريل ولكل منهم عمل خاص به كجبريل عليه السلام الموكل بالوحي، وميكائيل عليه السلام الموكل بالمطر، وإسرافيل عليه السلام الموكل بالنفخ في الصور، وملَك الموت الموكل بقبض الأرواح، ومالك خازن النار، ورضوان خازن الجنة، وملكَي القبر منكر ونكير، والمعقبات التي تحفظ المؤمن وتحيط به، وغيرهم الكثير.
والمسلم يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الملائكة موجودون ولكن الله حجبهم عنا فلا نراهم بصورتهم الحقيقية.
ثالثًا الإيمان بالكتب السماوية :
قال الله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(البقرة:136).
فالمسلم يؤمن بكل الكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله وهي بترتيب زمن النزول الصحف التي نزلت على إبراهيم عليه السلام ، والزبور الذي أنزله الله على داود عليه السلام، والتوراة والصحف على موسى عليه السلام، والإنجيل على عيسى عليه السلام ، وخاتم الكتب وأعظمها المحفوظ بلا نقص أو تحريف المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة وشفاءً وهدى ونور القرآن الكريم.
رابعًا الإيمان بالرسل عليهم السلام:
نحن نؤمن برسل الله تعالى جملة من علمناهم ومن لم نعلمهم، ونؤمن أنهم جميعًا قد أدوا رسالة الله مانقصوا ولا بدلوا ولا حرفوا ولا فرطوا قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ) ( غافر: )78.
خامسًا الإيمان باليوم الآخر :
ذلك الأصل العظيم من أصول العقيدة الإسلامية هو الإيمان بيوم القيامة، يوم الجزاء ففريق في الجنة وفريق في السعير، كرم الله تعالى الإنسان بالعقل والتفكير والتكليف، فالحيوانات تعيش في نطاق المحسوس وعالم المادة ولا تدرك إلا ماتراه، أما الإنسان خليفة الله في الأرض فيؤمن بكل غيب أعلمه الله به في الوحي، والدافع لحياة الإنسان في كنف الأوامر والنواهي الشرعية هو يقينه بأنه محاسب على مايصنع هنا، وأن الدنيا هي دار ممر لا دار مقر.
سادسًا الإيمان بالقدر خيره وشره :
الأصل السادس والأخير من أصول العقيدة الإسلامية هو الإيمان بقضاء الله وقدره، فالمؤمن يعلم علم اليقين أن كل شيء يقع إنما هو لحكمة وإرادة من الله تعالى، قال الله جل وعلا ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) [الحجر: 21].
ومن يؤمن أن الحكيم سبحانه هو المدبر لكل شيء فقلبه مطمئن وجوارحه ساكنة أن كل ما أراده الله وقدره فهو خير حتى وإن بدا أن فيه شر عَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ. رواه مسلم.
المصدر: https://faqarat.com/أصول-العقيدة-الإسلامية/